מאגר הידע

ما هو اضطراب التكامل الحسّيّ?
מהו ליקוי בעיבוד החושי?

ياعيل يوشيعي - معالجة بالتشغيل، ومركّزة دراسات العلاج بواسطة الماء (هايدروثيرابيا) في معهد ترامب، بيت إيزي شابيرا

2013

خلفية

يحمل "اضطراب التكامل الحسيّ" أسماء إضافيّة أخرى مثل : اضطراب في التحليل الحسيّ، واضطراب في التنظيم الحسيّ، والحساسيّة المفرطة، وردود الفعل المفرطة، وما شابه. كلّ هذه أسماء لظاهرة تدفع الأطفال ( والكبار كذلك) إلى التصرّف بطريقة غير مفهومة تماما من قبل البيئة المحيطة: لماذا لا يريد الطفل الانخراط في نشاط التّلصيق؟ لماذا نجد صعوبة هائلة في إلباس الجوارب للطفل ؟ لماذا لا يريد اللّعب في الرمل؟ لماذا هذا العناد والتصميم على تناول أطعمة معيّنة دون غيرها.

 

التكامل الحسيّ

كي نفهم مسبّبات هذه السلوكيات يتوجّب علينا أن نفهم بداية ما هو التكامل الحسيّ، وكيف يرتبط بالسلوك: التكامل الحسيّ هو عملية استيعاب المحفّزات الحسيّة من البيئة المحيطة، وتحليلها من قبل الدماغ، وتوفير تفسير للمحفّز، وخلق ردّ فعل ملائم. ( لمزيد من المعلومات حول الحواس، راجعوا مقالات إضافيّة حول الحواس المألوفة والحواس الخفيّة).

الحواس الخفيّة

بالإضافة إلى الحواسّ المعروفة والمألوفة كالتّذوق والشّم والنظر والسمع واللمس هنالك حواس يطلَق عليها اسم "الحواس الخفيّة". هذه الحواسّ تلتقط المعلومات من البيئة المحيطة بواسطة منظومات استقبال (مجَسّات) وتنقل المعلومات إلى الدماغ، لكنها تختلف عن الحواس "العادية"، حيث يدور الحديث عن حواسّ لا نعي تماما وجودها، ولا ندرك ما هي الطريقة التي تعمل فيها. عندما لا تعمل هذه الحواس كما يجب فقد نواجه مشاكل كثيرة في أدائنا اليوميّ. أسباب  الخلل في أدائها كثيرة، وفي بعض الأحيان تترافق  متلازمات وحالات طبيّة مختلفة مع اضطراب في التكامل الحسيّ؛ تشيع اضطرابات التكامل الحسيّ لدى الأطفال والبالغين التوحّديين، لكنّ الصعوبات في تنظيم الحواس قد تظهر أيضاً لدى الأطفال الذين ينمون نمواً عادياً، وقد تؤثّر على أدائهم اليومي، وتحول دون استنفادهم الكامل لقدراتهم الكامنة.  

 

سأقوم الآن باستعراض " الحواس الخفية" التي ذكرناها في المقالة السابقة:

جهاز اللمس: يتكوّن جهاز اللمس من منظومات استقبال (مجسّات) تقع على سطح  الجلد الذي هو أكبر الأعضاء في الجسم. تقوم منظومات استقبال مختلفة بنقل أحاسيس متنوّعة كالحرّ والبرد واللّمس الخفيف: النّملة التي تتجوّل على يدنا، والثوب الذي نرتديه، والدّغدغة، والإحساس بالألم. تتمثّل وظيفة هذا الجهاز في حمايتنا من المخاطر (" احذر، انت تلمس غرضاً ساخناً!") وتمكيننا من التّمييز بين  ملامس مختلة ( " فروة ناعمة- هل هذا قط؟).

 

جهاز التوازن: يقع نظام استقبال هذا الجهاز في الأذن الداخليّة، ويقوم بتشخيص التغييرات في وضعية جسمنا من خلال تحرّكات السائل الذي  يقع في الأذن الداخليّة. عندما نفقد التوازن، تقوم الأذن الداخلية بإرسال المعلومات بسرعة الى الدماغ، ويقوم هذا الأخير بتقليص العضلات كي نشغّل جسمنا  ونمنعه من السقوط.  

 

جهاز "إحساس الجسم": منظومات استقبال هذا الجهاز تقع في المفاصل والأوتار، وتوصل للدّماغ المعلومات التي تمكّنه من معرفة أين يقع كل عضو من أعضاء الجسم مقارنة بالآخر، وأين يقع هذا العضو داخل الحيز. عندما تستيقظون في غرفة مظلمة فلن تقوموا بفحص أين يقع كلّ عضو من أعضاء جسمكم، وهل تنامون على بطنكم أو على ظهركم وهل يدكم ممدودة أم مطوية.  لقد حصل الدماغ على هذه المعلومات من جهاز "إحساس الجسم" وقام باستخدامها، لذا فهذه المعلومات أصبحت معروفة لدينا. هذا الجهاز يمكّننا كذلك من استخدام القوّة المفرطة أو قليل من القوة، وأن نسرع أو نبطأ وأن نخطّط للقيام بحركة ماهرة وناجعة وملائمة لمتطلّبات المَهَمّة.

 

عملية التنظيم الحسّي

في عمليّة التنظيم والتحليل الحسيّ تنتقل المعلومات من جميع الحواسّ المعروفة والخفيّة إلى الدماغ، وتخضع لتحليل وتفسير كي نتمكّن من صرف الحدّ الأدنى من الطاقة، وأن نكون ناجعين بأقصى قدراتنا خلال أدائنا اليوميّ. إذا أخذنا مَهمّة معينة، كالكتابة، فيبدو أنّ الكثير من المنظومات تشارك في هذه العمليّة: جهاز البصر يتعرّف على الرموز المكتوبة وعلى الأسطر التي يجب الكتابة عليها؛ وجهاز السمع يمكّننا من ربط الرموز بالنّغمات التي تمثلها؛ والجهاز الحسيّ يمكّننا من الإحساس بالقلم الذي نمسك به، وبالورقة الملساء أمامنا؛ ويمكّننا جهاز التوازن من تغيير توتّر العضلات  في الظهر واليدين بحسب الحركة التي يتوجّب عليّنا القيام بها وبحسب تغييرات وضعيّة جسمنا؛ ويمكّننا الجهاز المسؤول عن إحساس الجسم من تشغيل اليد في الاتجاه والقوّة والبعد المطلوبَيْن لرسم الأحرف.

 

اضطراب في التّكامل الحسيّ  

ما الذي يحصل إذاً عندما لا يعمل أحد هذه الأجهزة الحسيّة بطريقة سليمة؟

هل سبق وتعرّفتم على إحدى الحالات التالية؟

تصلون مع طفلكم الصغير إلى حديقة الألعاب، وتخلعون له الحذاء وتُجلسونه على الرمل. لكنّه، وبدل أن يستمتع وبالرّمل ويلعب به ويحفر ويبني أشكالاً كغيره من الأطفال، يبدأ بالصّراخ ويسعى للابتعاد عن الرّمل. حالات أخرى معروفة لدى بعض الأهالي هي النفور الشديد الذي يبديه الطفل عندما يلامس الماء وجهه خلال عملية الاستحمام؛ وامتناعه عن تناول الأطعمة التي تتميّز بروائح ونكهات معيّنة، والتّصميم على ارتداء ملابس معينة دون غيرها، وطلبه بقصّ شارة الثوب والاشتكاء من أنّ الملابس تتسبب له بالحكّة، بالإضافة إلى الهلع الذي يبديه عند سماع الأصوات المرتفعة ورؤية الأضواء الساطعة.

حالة أخرى ربما تكون مألوفة لدى البعض: طفل يبدو وكأنه غارق في عالمة معظم الوقت، ويفضّل ألعاب الخيال على نشاطات بدنيّة كالجري والقفز والتزلج  أو التّأرجح؛ في بعض الأحيان يكون ردّ فعله على الألم متدنٍ للغاية، والانطباع العامّ هو أنّ الحديث يدور عن طفل هادئ وخامل لا يهتمّ بالبيئة المحيطة،  ولا يحاول التقصّي حولها.

طفل آخر قد يبدو وكأنّه يبحث طوال الوقت عن " الإكشن" ( الحركة"): يركض ويقفز ويتصادم بالأغراض والناس، ويبدو أنه لا يهدأ ولا يرتاح، وحتى كرضيع كان يحتاج لهزّ السرير لفترات طويلة وبقوة كي يهدأ. وعندما يَنْوَجِد في بيئة هادئة لا يهدأ، بل بالعكس-يركض هنا وهناك ويبحث عن شيء يفعله.

الأطفال الثلاثة الذين قمنا بتوصيفهم أعلاه يتمتّعون بنمو سليم؛ وتتمثّل صعوباتهم في أنّ المنظومات الحسّية لديهم لا تعمل كما يجب، وتُصعّب عليهم الأداء الناجع والفعّال.

الوصف الأوّل قد يلائم طفلا يتّسم برد فعل حسي مفرط. في هذه الحالة تقوم المنظومات الحسيّة لدى الطفل ( منظومات الحواس "الاعتيادية" ومنظومات الحواس "الخفية") بالرّد بتطرّف على محفزّات عاديّة وتقوم بتفسيرها كَمَن تشكّل مصدراً للخطر. على سبيل المثال يشبه إحساس الطفل عندما يدوس على الرمل الإحساس بأنّه يسير على الزجاج؛ ويحسّ الطفل بأن القطعة المُخيّطة في جوربه كالحجر الحاد، وأنّ شارة الثوب تتسبّب له إحساساً بأنّ عنكبوتا يسير على ظهره. هذا الطفل منغمس في " الدّفاع" عن نفسه طوال النهار، لأنّ جهازه الحسّي يرسل له دون انقطاع شارات بأنّه يواجه الخطر. هذا الطفل لا يجد متّسعا للعب والتعلّم، لأنّ جسمه منغمسٌ في عمليّة صراع بقاء! في كثير من المرّات يحاول هؤلاء الأطفال  التحكّم بالمحيط الذي يتواجدون فيه والنتيجة هي أنّنا نفسّر تصرّفهم كنوع من التعنّت وانعدام المرونة. إذا وضعنا أنفسنا مكان هذا الطفل سنفهم أنّه يحاول أن يعّزز الأمان في محيطه كي يتفادى المفاجئات والمحفّزات المزعجة والمعارك المتواصلة. 

الوصف الثاني يلائم طفل يتّسم بردّ فعل حسّي منقوص. في هذه الحالة تكون المنظومات الحسيّة في حالة من الخمول. لا يحاول الطفل التقصّي حول أمور محيطه لأنّ التغييرات التي تطرأ عليه لا يجري استيعابها لديه. من الصعب تخيّل حالة كهذه لأنّنا اعتدنا على  الإحساس بالمحيط وبمحفّزاته، لكن تخيّلوا  أنّ الأكل الذي تتناولونه يخلو من النكهة، وأنّ الأصوات في محيطكم خافتة وغير واضحة، وأنّ محيطكم رتيب للغاية بكلّ ما يتعلّق بالألوان والبنية الخارجيّة، ولا نتحدّث هنا عن فترة وجيزة بل عن أيّام متواصلة أو أسابيع وأشهر. النتيجة هي طفل " خامل" لا يهتمّ بمحيطه لأن هذا المحيط ليس فيه ما يحفزه ويثيره... هذا الطفل  يجد صعوبة في تتبّع الرموز اللغوية والمرئيّة، ويجد بالتالي صعوبة بالغة في التعلّم وفي تنفيذ المَهمات اليومية.  

أما الحالة الثالثة فتصف طفلا قد يُرجَّح تشخيصه كمن  يبحث عن محفّزات حسيّة. المنظومات الحسيّة لدى هذا الطفل تحتاج لمحفّزات قويّة كي تستيقظ وتبدأ بإرسال الرسائل، لذا فهي منغمسة في البحث عن هذه المحفزّات. يقفز الطفل ويعدو كي يوقظ المنظومات الحسيّة في جسمه: يشغّل التلفزيون او الألعاب الإلكترونية بأعلى صوت كي يوقظ جهاز السمع؛ ويحبّ الكثير من التوابل في طعامه كي يوقظ حسّ التذوق؛ وهو يحتاج في المعتاد أن يكون كلّ شيء من حوله بقوّة كبيرة كي تعمل منظومات جسمه على نحو سليم.

هذا الأوصاف تعميميّة للغاية، وعلينا أن نتذكّر أنّ كل طفل يعاني من اضطراب في منظوماته الحسيّة يتصرّف بطريقة مختلفة، بحسب صعوباته وبحسب البيئة التي تحيطه. إذا اعتقدتم أنّ طفلكم يعاني من صعوبات في التكامل الحسي، نوصي بالتوجّه إلى المعالج/ة بالتّشغيل لغرض إجراء تشخيص جذري. التكامل الحسيّ وتشخيص الاضطرابات فيه يشكّلان مجالا تخصصيّا لدى المعالجين بالتشغيل، وتتوفّر لدى هؤلاء أدوت لتنفيذ التشخيص وتوفير العلاج. يشمل التشخيص في المعتاد  عدداً من اللقاءات مع الطفل ووالديه وتعبئة استبيانات من قبل الأهل والمربّية في المدرسة أو الروضة.

ثمّة طرق مختلفة لمعالجة التكامل الحسيّ من قبل المعالجين بالتّشغيل وتشمل تقديم  الإرشاد للأهل حول طريقة العلاج، وإدخال التغييرات على البيئة المنزلية بغرض التسهيل على أداء الطفل. على الرّغم من ذلك يجري في بعض الأحيان إدماج طرق علاجية أخرى، وتعتبر الهيدروثرابيا ( العلاج بواسطة الماء) إحداها.

 

لقراءة المقال باللغة العبرية - اضغط هنا

מאמריםמהו ליקוי בעיבוד החושי?
מאמריםלהרגיש את העולם: על החושים המוכרים והנסתרים
  • מוגבלויות:

    ליקוי בויסות החושי

  • נושאים:

    מודלים וגישות התערבות - ריפוי בעיסוק

  • מילות מפתח:

  • קהלים:

    הקהל הרחב, קהל מקצועי

  • לפרטים נוספים ניתן ליצור קשר :

     09-7701218


     הדפסה