التحول إلى جد وجدّة يوفّر للكثيرين في هذه المرحلة المتأخرة من حياتهم فرصة الإحساس بالقيمة، فعلى خلفية الشعور بالفقدان- فقدان العمل، والتراجع في اللياقة البدنية، وموت الأصدقاء والأقرباء " تولد" وظيفة جديدة قد تشكّل قوة محركة تخلق الإحساس بأن ثمّة من يحتاجني: مساعدة ودعم الأبناء في تربية الأحفاد
ولادة حفيد مع إعاقة: صدمة كبيرة
ثمة الكثير من الترقب والتوقعات قبيل ولادة الاحفاد الذين يمثّلون استمرارية العائلة، ويمثلون أحيانا فرصة للتعويض عن ترسّبات الماضي المتعلقة بتربية الأولاد عبر خلال بناء علاقة قريبة وجيّدة مع الأحفاد. ولادة حفيد مع مرض أو إعاقة يصيب هذه التوقعات والآمال في الصميم . على أرض الواقع، يعايش الأجداد والجدات وجعاً متعدد المستويات، حيث يتألمون لألم ابنهم كوالد، ويتألمون ألم الحفيد أو الحفيدة، وكذلك ألمهم الشخصي.
في بداية مشواري كعاملة اجتماعيّة في مركز نموّ الطفل تعرفت من خلال اللقاءات مع أهال لأطفال مع إعاقة، على أحد أكثر المواضيع إيلاما في حياة هذه العائلات؛ وهي منظومة العلاقات بين الأهل والجدّين والجدّتين والديّ الأم ووالدي الأب. المواضيع التي طرحت وشملت التوقعات الخائبة حول الدعم والمساعدة، وقنوات اتصال غير مباشرة، وانتقادات متبادلة من ناحية، والاعتراف بالجميل على العطاء والتفاني من الناحية الأخرى.
الاجداد لا يحظون بالدعم
تلقي أبحاثي الضوء على التجربة الشخصيّة لدى أجداد وجدات الاطفال مع إعاقة، والذين قد يخضون تجربة فاجعة تشبه تلك التي يخوضها أهل الطفل. لكن، وعلى عكس الوالدين، لا يتلقّى الأجداد دعما عاطفيا من قبل المهنيّين ولا يحصلون على معلومات طبيّة وعملية حول ماهية الإعاقة واستحقاقاتها. إلى ذلك فإنّ الحساسيّة العالية للأجداد والجدات حيال ضائقة أبنائهم تمنعهم من التعبير عن المشاعر السلبيّة مقارنة بأجداد وجدات الأحفاد الذين ينمون نموا عاديا. ينبع الأمر من الخوف من الإثقال على أبنائهم، ومن الخوف من أنّ التعبير عن مشاعرهم يعتبر أمرا تافها في مقابل التحدّيات التي يخوضها أبنائهم.
عندما بدأت أفحص مع زملائي وأدرُس موضوع أن يكون الفرد جدا لأطفال مع إعاقة، تبين لي أن الحديث يدور عن مجال مجهول يغيب غيابا تاماً عن خطاب المهنيّين، ومن الأدبيات العلاجية والنظريّة في البلاد والعالم. هذا الاكتشاف دفعني الى اتخاذ قرار بتخصيص عملي البحثيّ ونشاطي المهنيّ لدراسة دور ووظيفة الاجداد والجدّات في عائلات لأطفال مع إعاقة. اختياري هذا أثار الكثير من الاستغراب وحتى الاستهجان، لكنّ الردود المتحفظة زادتني تصميما على مواصلة البحث. حتى الأجداد والجدّات استغربوا بداية رغبتي في إجراء المقابلات معهم، لكنّهم سرعان ما شكروني على ذلك.
اليوم وبعد سنوات طويلة من البحث، والكثير من النشاطات المتنوعة، تُلقي أبحاثي الضوء على التجارب الشخصيّة للأجداد والجدات على ضوء علاقاتهم مع أبنائهم وأحفادهم، وتفحص كيف ينظر الأهل- وهم الجيل الأوسط- إلى اهلهم كأجداد وجدّات، وتستعرض كذلك مواقف المهنيّين في قطاعات الصحة، والتربية والتعليم، والرفاه، حول مكان ومكانة الأجداد في هذه العائلات. مع مرور السنين توَلّد وعي اجتماعي ومهني لأهميّة دور ووظيفة الأجداد كمورد دعم ومساعدة، وكذلك في الحاجة للاعتراف بتجربتهم المهمّة .
الأبحاث تُظهر: الصعوبات تفضي إلى نمو شخصي
الأجداد والجدات الذين تصالحوا مع حقيقة أنّ حفيدهم معاق، وتأقلموا مع الظروف الخاصّة يعبرون في المعتاد عن إحساس واضح بالمسؤوليّة عن دعم أبنائهم واحفادهم ومساعدتهم. هذه المساعدة تأخذ حيزا في الدعم العاطفيّ والاقتصادي أو الأدائي ( نقليّات، ومكوث، وقضاء الوقت مع الحفيد أو مع إخوته، وترتيبات بيروقراطية مختلفة ). على الرغم من ذلك، يتبين من التقارير التي يوفي بها الأجداد أنهم يسيرون في بعض الأحيان على حبل رفيع يفصل بن المشاركة والتجنّد، وبين التدخل والنزعة النقديّة. بطبيعة الحال، قد يتفاقم هذا التوتر في العلاقة مع أهل الأب، لأن علاقات الحماة و زوجة الأبن تحمل في طياتها حساسية بالغة على الدوام.
أظهرت هذه الأبحاث أنّ الصعوبات والضغوطات رافقتها عمليّة نمو شخصيّة لدى الأجداد. اكتشف هؤلاء في أحيان متقاربة في داخلهم طاقات لمواجهة صعوباتهم وصعوبات عائلاتهم، وتوّفرت لديهم مرونة لتغيير سلم الأفضليّات والتصوّرات المختلفة. في بعض الأحيان حصل تغيير كبير في الشبكة الاجتماعيّة للأجداد والجدّات كما تحدثت إحداهن: ولادة الحفيد شكلت اختبارا للعلاقات الاجتماعية، ولم يبق معنا سوى الأصدقاء الحقيقيين".
وعي آخذ بالتعاظم
الوعي في صفوف المهنين حول ضرورة خلق منظومة دعم للأجداد أخذ بالتعاظم تدريجيا، وثمّة اليوم مزيد من البرنامج العلاجيّة للعائلة والتي تشمل العلاقات بين الاجيال بعامة، والاعتناء بالأجداد والجدات على وجه الخصوص.
في الكثير من الأطر التربوية تقام اليوم نشاطات للأجداد والجدّات. بعضها على شاكلة لقاء واحد، وقد يمتد بعضها الآخر لعدة لقاءات. في بيت إيزي شابيرا، على سبيل المثال، تقام منذ ستة عشر عاما لقاءات لمجموعات دعم لأجداد وجدّات الأحفاد مع إعاقة، وتشمل محاضرات يقدمها مهنيون، وتوفر معلومات حول طبيعة إعاقة الطفل وتأثيرها على ادائه ونموّه. في منظمات لعائلات مع إعاقة- كمنظّمة " كيشر" التي أعمل في هيئته الإدارية- تقام نشاطات عديدة للأجداد والجدات وتعتبر بيتا دافئا لأجيال العائلة الثلاثة.
على الرغم من التقدّم في الأبحاث والوعي، فما زالت الطريق طويلة إلى حين تغلغل الوعي الاجتماعيّ والمهني، ووصوله إلى طاولة واضعي السياسات كي يخصّصوا الموارد لبناء منظومة دعم علاجيّة شاملة تهتمّ بالعائلة الموسّعة للأطفال مع إعاقة، والعلاقات بين الأجيال، ودعم الاجداد والجدات.
حازت مؤلفة المقال البروفيسور ليؤورا فيندلر على شارة المساواة والأخوة على اسم فيلي وسيليا ترامب للعام 2016 على تميزها وامتيازها في مجال الإعاقة. تمنح هذه الشارة من قبل عائلة ترامب وبيت إيزي شابيرا على التميز والامتياز في مجال الإعاقة.
نشر المقال بداية في موقع Ynet في تاريخ 6.6.2016
لقراءة المقال باللغة العبرية - לחץ כאן
כלל המוגבלויות
משפחה ומעגל החיים - סבאות
הקהל הרחב, קהל מקצועי