الوسائل التكنولوجية تجعل حياة غالبية الناس سهلة، وتعزز فاعلية ونجاعة الحياة اليوميّة، أما بالنسبة للأشخاص مع محدوديّة فتأثيرها بالغ للغاية، ومن شأن استخدامها الصحيح أن يغيّر الواقع تغييراً جذرياً. قد يصنع جهاز الآيباد الفرق بين الحياة مع الناس والانخراط في المجتمع، وبين العزلة الاجتماعيّة والوحدة.
تشهد العقود الأخيرة ثورةً متسارعةً في المجال التكنولوجيّ، وتحمل هذه في طيّاتها إسقاطات بعيدة المدى على جودة حياة الأفراد مع محدوديّة.
الفوائد الكثيرة للآيباد عزّزت رواجَهُ وشعبيّته في صفوف ملايين المستخدمين في أرجاء العالم، ومن بين هذه الفوائد نذكر: سهولة التنقّل مع الجهاز، وإمكانية استخدامه في مواقع مختلفة، وسهولة تفعيله، وشاشة اللمس الحسّاسة، ومرونة استخدامه ، وإمكانية إلحاق أدوات مساعدة مطلوبة بالجهاز.
يشكل جهاز الآيباد وسيلة لمساعدة الأطفال والكبار الذين يعانون من صعوبات في التواصل، وصعوبات حركيّة متنوّعة أو صعوبات عقليّة مختلفة. من خلال استخدام الآيباد يستطيع هؤلاء اكتساب مهارات فرديّة واجتماعيّة، والانخراط في المجتمع بطريقة اعتياديّة، والمضي بالتالي نحو الأمام.
يحمل استخدام الآيباد من قبل الشريحة السكانيّة ذات المحدوديّة فائدتين مركزيّتين وهما:
الآيباد كأداة لتعبير الطفل عن ذاته
" الآيباد هو حب من أول نظرة!"، هذا ما يكتباه يفعات وأمير والدا إيتَمار ابن الحادية عشرة الذي يتعلّم في مدرسة التعليم الخاص التابعة لبيت إيزي شابيرا. [1] بدأ إيتَمار باستخدام الآيباد قبل عامين، وتعلّم بواسطته التواصل على نحو أفضل مع محيطه، وأغنى من خلاله ثروته اللغوية بشكل ملحوظ، وحتى أنّه قد تعلّم بواسطته بناء بعض الجُمل. " نستطيع القول أنّ الآيباد أكثر من مجرد جهاز؛ إنّه فمُ إيتمار، والمتحدّث باسمه وأحبّ ما لديه. بواسطة الآيباد شعر إيتَمار أنّه ذو قيمة، وأن حضوره في البيت وفي العائلة مركزي للغاية".
استحقاقات استخدام الآيباد داخل العائلة
يتحدّث الكثير من الأهالي حول التغيير الذي خلقه استخدام الآيباد في عائلتهم، فقد أثّر على العلاقات بين أفراد العائلة، وعلى جدول أعمالهم، وعلى جودة حياتهم. ينعكس هذا التغيير في الأوجه التالية:
يميل المهنيّون والأهل في بعض الأحيان إلى استخدام الآيباد كأداة للتّواصل البديل. من المهمّ ان يفهم هؤلاء أنّ الآيباد هو أداة مهمّة لتمكين الطفل من التواصل على نحو روتيني مع أبناء العائلة، والانخراط فيها على أفضل وجه.
يقول والديّ إيتمار أنّ الآيباد يمكّنه من التواصل مع أخويه الأصغر منه بطرق مختلفة. يقول الأخ يوآف ابن السابعة: " من ناحية، لست مسرورا بأنّ أخي ليس إنسانا عاديا، ولا يستطيع التحدّث واللّعب معي، واتمنّى لو سمعت صوته. لكن من ناحية أخرى يستطيع إيتَمار التحدّث معي عبر الآيباد، وأسجّل له اموراً جديدة للمدرسة".
يوفّر الآيباد لأبناء العائلة فرصا للّعب المشترك والتفاعل.
الآيباد ووقت الفراغ
يمكّن الآيباد الأشخاص مع محدودية من التمتّع بنشاط ملائم ومستقل في وقت الفراغ. عندما يتمكّن الطفل من استخدام التطبيقات الملاءَمة لقدراته الخاصة، يستطيع عندئذ التقدّم في مجالات كثيرة، لا سيّما في المجال الاجتماعيّ؛ ويقوم بتطوير مزيدٍ من الاستقلالية، ولا ينتظر على الدوام من الآخرين أن " يُشغلوه".
تقول حاني، المعلمة في المدرسة: " في إحدى الزيارات التي أجراها الصف المدرسيّ إلى احد المقاهي في الحيّ، جلس الطلاّب لمدّة ساعة ونصف في المقهى، وكان الآيباد أحد الأدوات التي ساعدتنا في هذه الزيارة. استخدم الأطفال الجهاز بغرض التواصل ولطلب الطعام والشراب، واستخدموا الجهاز أيضا كأداة للّعب مع أفراد الطاقم ( لعبة الأدوار)، أو للّعب الذاتي، وسادت أجواء لطيفة ومرحة في المجموعة، وأثبتت هذه التجربة في المقهى للأهل- ولي كمُدرّسة- أنّ باستطاعة الطلاّب المشاركة في البرامج التي يعقدها الأهل خارج البيت، وأن يشعروا بأنّهم يشكّلون جزءا من السكّان العاديين، لأنهم يتمتعون –كسواهم- بتناول الطعام والشراب في المقهى، ويدمنون كغيرهم على التكنولوجيات الحديثة...".
تتحدّث بِيتي أمّ الطفلة روني التي تتعلّم في مركز الطفولة المبكرّة في بيت إيزي شابيرا: " لقد دخل الآيباد إلى حياتنا قبل عام ونصف وأدخل معه تغييرا جوهريا في حياة روني، وفي حياة جميع أفراد العائلة. عندما أرادت روني قبل ذلك أن تلعب ، فقد كانت بحاجة للطّاقم العلاجي أو لنا الأهل. وبسبب الإعاقة الحركيّة في يديها كانت تحتاج للمساعدة في إمساك الألعاب وتشغيلها. تلقّينا قبل عام ونصف هدية وهي عبارة عن آيباد، وسرعان ما لاحظنا القدرات المختبئة في هذا الجهاز، وبعد التشاور مع الطاقم المهنيّ الذي يعتني بالطفلة عرضنا الجهاز على روني كي تستخدمه، وقمنا بمشورة الطاقم بتحميل عدد من تطبيقات العاب الاطفال الملائمة لروني.
تواصلت روني مع الشاشة بسبب فضولها الطبيعي، وبدأت تطور قدرات لعب مستقلّة. وعلى الرغم من الإعاقة الحركيّة، وبفضل بساطة استخدام الجهاز والإثارة التي خلقها، بدأت روني تشغّل يدها عند اللعب بالألعاب واستخدام التطبيقات، وعزّزت الألعاب لديها دافعية تشغيل اليدين، وعليه فقد مكّنها الجهاز من تحسين أدائها الحركيّ. جنت روني فائدة إضافيّة وهي أنها نجحت في اللّعب بالجهاز بقواها الذاتية ، وقامت على هذا النحو بتعزيز شعورها بالاستقلال، ومكّنت أبناء العائلة الآخرين من الانشغال بأمور أخرى. وبما أنّ روني تتسم بالذكاء والفطنة والسرعة فقد اكتشفنا أنها تستنفد الألعاب بسرعة وتطلب بين حين وآخر ألعابا أخرى، لكن للأسف الشديد فإن اللعاب التي جرت ملاءَمتها للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة قليلة جدا. لا شكّ أنّ ثمة حاجة ملحّة للألعاب التي تلائم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وروني هي خير مثال على ذلك".
استخدام الآيباد في جهاز التربية والتعليم وفي أطر مختلفة.
تقول نوعا التي تعمل اختصاصيّة علاج بالتشغيل في مجال التكنولوجيا في مركز الاستشارة التكنولوجيّ في بيت إيزي شابيرا:" خلال السنوات الثلاث الأخيرة لاحظنا أنّنا نستطيع جنيَ فوائد كثيرة من استخدام الآيباد، ويشكّل هذا الجهاز بالنسبة لنا تغييرا جذريا في الكثير من الأمور، كتحسين المهارات والمبادرَة للّعب، وتحسين التواصل والتفاعل بين الأطفال وأفراد الطاقم، وبين الأطفال بعضهم مع بعض، وغير ذلك.
أحد الفوائد المهمّة التي يوفّرها الجهاز هو أنه مقبول على الجميع ويلقى رواجا كبيرا بين الناس. قمنا في الماضي باستخدام أجهزة خاصة احتجنا شرائها من أمكان خاصّة، وتطلّبت الكثير من الشرح والتوجيه قبل استخدامها، مما صعّب على استيعابها في صفوف الطاقم، ودفع في الكثير من المرّات إلى تجنيد الأهل لهذه المَهَمّة.
الآيباد هو جهاز اعتيادي ويحظى بقبول الجميع ويساعد على تعزيز العلاقة بين الطاقم والعائلة، ويقوم الأهل بمحض إرادتهم بالقدوم للمشاركة في الإرشادات المتعلّقة فيه. اكتشفنا خلال العمل أنّنا نستطيع استخدام الآيباد لمشاركة الأهل بالتجارب والخبرات المختلفة التي يخوضها الطفل، وهذا الأمر مهم من أجل إنجاح العلاج الذي نقدّمه للطفل".
وتضيف حاني، المعلمّة في المدرسة: " كمعلّمة، فتح الآيباد أمامي قناة تواصل مع أبناء عائلات التلاميذ في الصف، وأقصد جميع أبناء العائلة- الوالدَين والأخوة على حد سواء. يمكّنني استخدام الآيباد من نقل بعض من الخبرات والتجارب التي يخوضها التلميذ خلال اليوم إلى العائلة. نحن لا نحفظ في الآيباد الصور والألبومات فحسب، بل نقوم أيضا ببناء بنك لموادّ التعليم التي ندرّسها في المدرسة، ممّا يمكن أبناء العائلة من المشاركة بما يدور لدينا. يمكّننا الآيباد من بناء "دفتر اتصال صوتي" مع العائلات، وهذا الحل حيٌ ويتفوق من حيث الجاذبيّة على دفتر التواصل العادي. النقل الثابت لرسالة يوميّة يقود نحو عمل مشترك وتجنّد مكثف من قبل العائلة".
يختلف سلوك الطاقم مع الأطفال والبالغين من ذوي المحدودية، ويبغي بناء علاقة مباشرة مع المجتمع المحليّ والمجتمع العام. في المدرسة نقوم باستخدام الجهاز والتّطبيقات "العاديّة"، ويأخذ الاطفال الآيباد معهم لكلّ مكان، حتى خارج إطار التعليم، وعليه فهم لا يشعرون بأنّهم يختلفون عن غيرهم من الأطفال. في الأطر التي يعيش ويتعلّم ويعمل فيها أشخاص مع محدودية من المهمّ أن ينغمسوا في نشاطات تلائم اعمارهم، وهذا ما يمكّنهم الآيباد من القيام به لأنّه يلائم جميع الفئات العمرية.
ثمّة اهمية بالغة لحقيقة أنّنا نتحدّث عن جهاز عادي ومقبول. هذا الأمر مهمٌ جدا بالنّسبة للعائلة والشخص الذي يعاني من محدوديّة، لا سيّما عندما يدور الحديث عن شخص بالغ.
الآيباد كجهاز يساعد على الاندماج
إيتان من مركز دي-لو التابع لبيت إيزي شابيرا يشارك في "الدمج". في كلّ أسبوع يقدم إلى البستان في مكان سكناه وينخرط في النشاط الاجتماعيّ مع أطفال الصف. يصل إيتان إلى البستان مع جهاز الآيباد الخاص به ويتواصل بواسطته مع الأطفال.
تقول عنبار أم إيتان:" الآيباد جهاز عادي ويندمج بطريقة رائعة في المحيط، وهو خفيف، ويستطيع إيتان حمله والتجوال معه في كل مكان. كي نحافظ على الجهاز قمنا بشراء قطعة واقية خاصة تحميه من الإصابة والصدمات، واقتنينا "ستاند" ( "قَعّاد") خاص يمكّننا من "نَصبِه" بطرق شتى. الآيباد سهل الاستعمال وكل شيء فيه بسيط وسهل للتفعيل- بدءا من منظومة التشغيل وصولا إلى تطبيق التواصل.
يستخدم إيتان تطبيق التواصل TOUCHCHAT الذي يستخدَم كوسيلة لـ "التواصل الداعم البديل"، ويستطيع بواسطته إرسال رسائل مركّبة كإسماع صوته، وإبداء رأيه، وإشراك المحيطين به بالتّجارب التي يخوضها. يستخدم إيتان الآيباد في الأساس كأداة للتّواصل والاتّصال، وكذلك بغرض اللعب والتعلّم. كل هذه الصفات تجتمع في جهاز واحد صغير.
قدرة إيتان على التحدّث بواسطة الجهاز تثير الكثير من الاهتمام داخل الروضة. في اللقاءات نرى كيف أنّ الأطفال ينتظرون أقوال إيتان على أحر من الجمر، ويحبّون الاستماع إلى تجاربه المسجّلة على الآيباد، ويحبّون الاستماع إليه وهو يناديهم بالاسم بواسطته، وقام بعضهم بتسجيل أسمائهم بأنفسهم، على هذا النحو يشعر الأطفال بنوع من الشراكة مع إيتان".
وتضيف عنبار:" انضممت قبل عدّة أشهر لرحلة شارك فيها جميع أطفال البستان، وقمت خلالها بتصوير إيتان والأطفال، ومن ثمّ أعددت قصّة تصف التجربة بواسطة تطبيق خاص على الآيباد. بعد مضيّ أيام عدّة وصل إيتان إلى البستان وأشرك الجميع بالتجربة. تجمّع الأطفال حوله وكان سرورهم عظيما عندما استمعوا للتجربة المشتركة، وشاهدوا صورهم المشتركة مع إيتان".
وتُشركنا بتجربة خاصة:" في أحد الأيام وعندما وصلت مع إيتان إلى البستان سمعت أحد الأطفال يطلب من أمّه أن يأتي إلينا في ساعات بعد الظهر ، وقال تحديدا:" أمي، هل نستطيع زيارة إيتان مع الآيباد؟". لقد انفعلت لسماع هذا الطلب.
يحقّ للأطفال والشبان الآخرين الذين ينخرطون في التعليم الخاصّ أو مَنْ جرى دمجهم في التعليم العاديّ، يحق لهم –كإيتان- أن يندمجوا على نحو أفضل في الأطر العاديّة، وفي النشاطات المعدّة لجميع أفراد المجتمع المحليّ. يشكّل الآيباد أداة مهمّة وضرورية تمكّنهم من تجاوز حدود المحدوديّة، والتحوّل إلى جزء لا يتجزأ من المجتمع. يمكِن أخذ الجهاز إلى كل مكان واستخدامه بسهولة نسبية. في بيت إيزي شابيرا يستخدم الأطفال الآيباد حتى في حوض السباحة ( البركة)، بعد ملاءمته لهذا الغرض بطبيعة الحال.
مركز الاستشارة التكنولوجية في بيت إيزي شابيرا
بدعم من صندوق عائلة روديرمان وأجسام اخرى، أخذ بيت إيزي شابيرا على عاتقه تطوير وبناء مركز خبرات في مجال الآيباد لصالح الأشخاص مع محدوديّة، وعائلاتهم، والمهنيّين الذين يقومون على رعايتهم. أقيم المركز بعرض تحسين جودة حياة الأطفال والبالغين ذوي الاحتياجات الخاصّة، والنهوض بانخراطهم في المجتمع المحليّ، وكلّ ذلك بواسطة تطوير وملاءمة حلول touch screen، والتقييم، والبحث، وتكديس المعارف وتطويرها في هذا الحقل، وتطوير وملاءَمة الاستخدام للاحتياجات الخاصّة للفرد، وإدماج استخدام الآيباد في الأطر المختلفة – في البيت، والأطر التربويّة، والمجتمعات المحليّة، والإسكان والتشغيل.
يعمل المركز على مستويات عدّة:
[1] يفعات وأمير شوستير (2013). تأثير استخدام الآيباد على علاقة إيتمار مع إخوته، التواصل الداعم والبديل: الكتاب السنوي آيزاك يسرائيل، العدد 29.
لقراءة المقال باللغة العبرية - اضغط هنا
כלל המוגבלויות
טכנולוגיה - טכנולוגיה ככלי מקדם איכות חיים
הקהל הרחב, קהל מקצועי