מאגר הידע

الوصمة الاجتماعية والتمييز ضدّ النساء مع إعاقة
סטיגמה ואפליה בקרב נשים עם מוגבלות

كارول كيسيل - متطوعة ، بيت إيزي شبيرا

2015

 

 مقدّمة

التمييز ضدّ النساء يعتبر موضوعا زاخرا بالمعلومات والمعرفة، لكنّ المواد البحثية الإمبيريقيّة ( تلك التي استُنبطت من التجارب الميدانيّة) حول تأثير الوصمة الاجتماعيّة والتمييز على حياة النساء مع محدوديّة في أرجاء العالم، هذه المواد ما زالت قليلة وشحيحة.

النساء مع محدودية هنّ الأقليّة الأكبر في صفوف فئة النساء، وتشمل محدوديّتهن تصنيفات مختلفة كالعرق والسنّ والدين والميول.

يقدّر عدد الأشخاص مع محدوديّة في العالم بحوالي بليون شخص، وَ 60% ( 600 مليون) منهم هنّ نساء مع إعاقة، وثلثين منهنّ يقطنّ في دول نامية. بالإضافة إلى كونهنّ الأقلية الأكبر في العالم، تعاني النساء مع محدوديّة من التمييز في جميع مرافق الحياة (Keogh, 2012)

بعامّة، تتوجّه السياسات والتشريعات التي تتطرق للنساء للتّيار المركزي في صفوف هذه الشريحة السكانية. أحد الأسباب لذلك هو غياب البيانات المحلّلة من منظور الجندر والإعاقة. أحد العوامل الإضافية هو أن الأبحاث في المواضيع التي تواجهها النساء مع محدودية ما زالت تخطو خطواتها الأولى، الأمر الذي يجعل من هذه الفئة مواطنات غير مرئيّات، ولا تجد احتياجاتهن الاستثنائية مكانها في سياسات التيار المركزي.

في أحيان متقاربة تقوم حركات اجتماعيّة لذوي المحدودية ( بالإضافة إلى حركات نساء اجتماعية) بالنهوض بالسّياسات من وجه نظر تيارها المركزي، وتتجاهل النساء مع محدوديّة(Keogh, 2012).

 

مجالات التمييز الشائعة في حياة النساء مع محدوديّة

الحيّز العائلي؛

التّربية والتّعليم والتأهيل؛

الصحّة والتربية الجنسيّة؛

القوّة العاملة / التّشغيل ؛

السياسات الاجتماعيّة؛

المشاركة وإمكانية الوصول إلى مواقع صنع القرار؛

الصورة الجماهيريّة العامة؛

الأمومة والحياة العائليّة؛

العنف والاعتداءات الجنسيّة؛

 

التمييز في الحيز العائليّ

نمت في الحيز الخاص والفرديّ للنساء ثقافة تسمى " ثقافة التكتّم". الأفراد والحركات الذين يعملون من أجل حقوق النساء مع محدودية يتجاهلون بدرجة كبيرة ظاهرة التمييز العائليّ، وثمّة تصور تاريخي بأنّ الحيّز الخاصّ للعلاقات العائليّة لا يدخل في نطاق تدخّلات الدولة(Gurung, 2013). من وجهة نظر الكثير من التفسيرات الثقافية ما زالت الإعاقة تعتبر في أحيان كثيرة عائقا امام العائلة، أو رمزا لظاهرة سيّئة داخل المجتمع المحلي، لذا تزيد احتمالات التعامل مع النساء والفتيات ذوات المحدودية (واللوات يعانين كغيرهنّ من الإناث من التمييز على خلفية جندريّة) كغاية وتجسيد لهذه القولبة السلبيّة. (Fiduccia, 2011).

في الدراسة التي اجرتها Pratima Gurung حول المجتمع في نيبال كشفت الباحثة النقاب عن واقع مرير من التمييز تجاه النساء مع محدوديّة داخل العائلة. التّغلغل إلى العالم الداخلي للعائلة في هذا المجتمع أمر عسير للغاية، حيث يرفض الأهل تفهّم محدوديّة أبنهم ويرفضون تزويده بالخدمات، لا سيّما عندما يدور الحديث عن الفتيات والنساء.

على الرغم من أن المشاكلات والحالات التي تواجهها النساء مع محدودية داخل الحيّز الخاص تتغيّر تبعا لمتغيّرات كالجندر والعرق أو الجغرافيا ، إلا انها تفضي في الغالب نحو التمييز والعنف بين القطاعات المختلفة. يجب التعامل مع التمييز داخل العائلة كانتهاك لحقوق الإنسان، ويجب تعريفه بطريقة فعّالة بمساعدة مؤشرات مختلفة، ويجب حظره من خلال التشريعات القانونيّة، وتحويله من مشكلة خاصة داخل العائلة إلى مشكلة جماهيرية عامة واجتماعية (Gurung, 2013).

 

التمييز في التربية والتعليم وفي التأهيل

بينما يُنظر للمطالبة الاجتماعيّة من الرجال مع محدوديّة- وعلى الرغم من محدوديّتهم- أن يكونوا مستقلّين، وأن يتعلّموا ويكتسبوا مهنة توفّر لهم لقمة العيش كأمر معياريّ، فإن الدمج بين المحدودية والأفكار الجندريّة المسبقة في حالة النساء يقلّل من الوعي بضرورة التعليم والتأهيل، لا سيّما عند الحديث عن التعليم العالي والتأهيل المهني. (Beleza, 2003).
تميل بعض الدول إلى وضع البنات مع محدوديّة في مدارس خاصّة أكثر من ميلها للقيام بذلك عندما يدور الحديث عن الصبية.  المكوث في المدرسة الخاصة قد يولّد في بعض الحالات تأثيرا سلبيا على الفتيات مع محدوديّة، لأن التربية هناك تشمل تعلميهنّ الطاعة والانصياع، والامتثال للأمور التي يفرض عليهنّ القيام بها، وبالتالي لا يحصلن على أدوات لمواجهة الحالات التي يتعرّضن فيها للاعتداءات، ويفتقدن لمهارات صنع القرار والاختيار على نحو مستقل، ويجدن صعوبة في بناء علاقات إنسانية عادية، أو حتى التعامل مع الاعتداءات الجنسية.

البيانات الإحصائيّة القائمة حول التأهيل المهنيّ تظهر أنّ نسبة النساء اللوات يتلقّين تأهيلا مهنيا متدنّية للغاية، وقد أظهرت دراسات أجريت في سويسرا أنّ أهالي الفتيات مع محدوديّة يميلون لإبقاء بناتهم في البيت خشية تعرّضهن لاعتداءات جنسيّة. وأظهر بحثٌ أجري في إسبانيا في العام 1994 أنّ نسبة من أنهين التعليم الابتدائيّ لم تتعدّى 20% من مجمل النساء مع محدوديّة، وأنّ 8% منهنّ فقط وصلن إلى مرحلة الدراسة العليا.

 

التمييز في الخدمات الصحية وفي التربية الجنسية

تواصل النساء والفتيات في أرجاء العالم الشعور بأنهنّ يُدفَعن نحو الهامش، ويشعرن بانعدام المساواة في الصحّة وبالكثير من المظالم التي تلحق بهنّ. علاوة على ذلك يجري في أحيان متقاربة إقصاء النساء مع محدوديّة في مناطق مختلفة في العالم عن مواقع صنع القرارات المتعلقة بصحتهن، وذلك لأسباب اجتماعيّة إيكولوجيّة مركّبة (Fiduccia, 2011).
قام واضعوا المقالة حول العدالة الصحيّة المفيدة للنساء مع محدوديّة Fiduccia, 2011)) بتسليط الضوء على التمييز، وأضافوا أنّ النساء مع محدوديّة يواجهن في أحيان متقاربة صعوبات في مناليّة ( إمكانية الوصول إلى) الخدمات الصحيّة، لا سيّما في مجالات خدمات الإخصاب والتربية الجنسيّة.

أظهرت نتائج بحث أجري مؤخرا أنّ الأداء الجنسيّ للأشخاص مع محدودية طبيعي، وأن الشابات مع محدودية يستطعن بالمبادرة لإقامة العلاقات، وبناء حياتهنّ الجنسيّة بدءا من سنّ المراهقة. وعلى الرغم من ذلك ما زال هناك إقصاء للأفراد مع محدوديّة عن الموارد، وعن منظومة التربية الجنسية التي توفّرها المدارس. وفي بحث أجري في العام 2008 ونشر في مجلة مدرسة الصحّة تبيّن للباحثين أنّ الشابات مع محدوديّة معينة (كالعسر التعليميّ أو اضطرابات ذهنيّة أخرى) يقعن في دائرة خطر الإصابة بالأمراض التي تنتقل عبر الاتصال الجنسيّ ( الأمراض الجنسيّة) أكثر من الشابات بدون محدوديّة من نفس الفئة العمريّة. (Mandell, et al, 2008).

علاوة على ذلك، تحصل النساء مع محدوديّة على حصّة أقلّ من الخدمات الوقائيّة والعلاجات في حالات مختلفة، نحو التشخيص المبكّر للسرطان، والتداخلات من أجل النهوض بالصّحّة، ومكافحة الأمراض المزمنة كالسّمنة المفرطة وغيرها.
علاوة على ذلك تواجه النساء مع محدوديّة صعوبات كثيرة عندما يسعَيْنَ لاستهلاك خدمات صحيّة اعتيادية، لأنّ الجهاز الذي يوفّر الخدمات لم يلاءَم لاحتياجاتهنّ المتميّزة. على سبيل المثال- لم يحصل أفراد الفريق الطبيّ والمهنيّين على تدريب لائق كي يتمكّنوا من تلبية احتياجات النساء مع محدوديّة، لا سيّما في مجال علاج صحّة أعضاء التناسل، والإخصاب.

يترتّب على ذلك أنّ النساء يعايشن تجربة مُهينَةً، ويتلقّين علاجا رديئاً، وصولا إلى رفض تقديم العلاج لهنّ عندما يصلن لتلقيّ الخدمة في عيادة لم تُلاءَم لاحتياجاتهنّ المتميّزة . هذه التجارب تساهم في تكريس خدمات أقلّ جودة وغير متاحة للنّساء مع محدوديّة. (Fiduccia, 2011).
تتوفّر للنساء مع محدودية فرصاً متدنّية للحصول على معلومات عامّة حول الأداء الجنسي والإخصاب، وفرصاً متدنّية للحصول على خدمات تخطيط النسل؛ علاوة على ذلك فإنّ فرصهنّ للوصول إلى الخدمات المعدة لفترة الحمل والولادة ولخدمات ما بعد الولادة تقلّ عن تلك التي تتوفّر لزميلاتهن بدون محدوديّة.

وبحسب الشبكة القوميّة لصحّة النساء(National Women’s Health Network)، يقوم واضعو السياسات والمهنيّون في مجال الصحّة بفرض الرعب على النساء " غير المرغوب بهنّ"، كي يوافقن على عمليات التعقيم بسبب الخوف من تكاثر الفئة السكانيّة مع محدوديّة، وبسبب اعتمادهن كأمّهات على أقسام الخدمات الاجتماعيّة، وبسبب الكلفة الماديّة الباهظة التي تلقى على عاتق الخزينة العامّة، وولادة طفل خارج إطار الزواج ( في بعض الدول يعتبر طفل كهذا طفلا غير قانونيّ). هذه المخاوف مردّها الأفكار النمطيّة السلبيّة في صفوف الجمهور تجاه النساء. علاوة على ذلك تُجري بعض الدول عمليات تعقيم قسريّة للنساء مع محدوديّة(Alvares, L. et.al., 2011).

 

التمييز في القوة العاملة/ في التشغيل

يحمل التشغيل أهمية بالغة بالنسبة لجميع الناس لأنّه يشكل قاعدة الاستقلاليّة والانعتاق من التبعية.

على الرغم من أنّ بعض الدول قامت بوضع سياسات جرى تكريسها في التشريعات، والتي تنصّ على لزوم اتباع المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء، على الرغم من ذلك ما زال التمييز الجندريّ يمارَس في الكثير من أماكن العمل. تواجه النساء مع محدوديّة تمييزاً مزدوجاً لا يحظى بالتّعامل اللائق. يميل الناس للتحدّث حول الفروقات بين الجنسين لكنّ التطرق للمحدوديّة نادرٌ للغاية. يبدو أنّ المجتمع غير مدرك للوصمة التي خلقها حول المحدوديّة. النساء بعامّة لم يحقّقن بعد المساواة في القوّة العاملة ولم ينلن العدالة في هذا المجال بعد، (Keogh, 2012). وبحسب تقديرات الأمم المتّحدة لا تتعدّى نسبة النساء مع محدودية اللوات انخرطن في سوق العمل أكثر من 25%. في مناطق معيّنة في العالم تصل نسبة النساء غير الأمّيات إلى 1% بالكاد (Keogh, 2012).

التّشديد القائم في المجتمع على ما هو " عادي" وعلى المعايير الضيّقة للجمال ( المظهر الخارجيّ) يصعّب على النساء مع محدودية الحصول على الاعتراف والالتحاق بالمجتمع ثمّة معتقد سائد بأنّ " العادي" هو أن لا تكون مختلفا عن الأغلبية، ألا وهم الأشخاص بدون محدوديّة. مفهوم" العادي" يخبّأ في جنباته مقولة أنْ يكون للفرد نوعا معينا من الجسد، و/أو مظهرا معيّنا أو مظهرا شابا، وأن يكون بكامل قدراته. يخشى المجتمع من الاختلاف لذا تراه يطلق كنية " غير العاديّين" على الاشخاص المختلفين. علاوة على ذلك يميل المجتمع للإشفاق على كلّ من هو مختلف، ويقوم بصياغة فرضيّات مختلفة حول قدرات الأشخاص ذوي المحدوديّة أو غيابها. الضغوطات الاجتماعيّة تخلق العوائق أمام النساء مع محدوديّة. Accessibility News) International).

في الغالب يجري تشغيل النساء مع محدوديّة في وظائف ذات مكانة متدنية ومقابل أجر بخس. وهذا الوضع ينتهك قدراتهنّ على تحقيق الاستقلالية. حتى في دول مثل كندا التي يفرِض فيها القانون على المشغلّين ضرورة ملاءمة مكان العمل ونوع العمل للأفراد مع محدودية، ويضمن لهم فرص عمل تلائم قدراتهم، حتى في هذه الدولة لا تختفي مواقف الأفراد في سوق العمل، ويقوم الكثير من المشغّلين بتجاهل سياسات الدولة وتشريعاتها.

على الرغم من ذلك تختلف النظرة لاحتياجات النساء مع محدوديّة المتعلّقة بالتشغيل عن النظرة لاحتياجات الرجال مع محدودية في هذا المضمار. بالنّسبة للنساء ينظر للعمل كوسيلة لتعبئة الوقت وليس كوسيلة لتحقيق الاستقلالية. في بعض الأحيان تقوم بعض النساء مع محدوديّة بتبنّي هذه الفكرة السلبيّة. ثمّة نزعة لتشغيل النساء مع محدودية في مهن ذات مكانة متدنّية وفي وظائف أجر زهيدة الأجر، وتقدّم لهنّ شروط عمل رديئة. انعدام التقدير الذاتيّ والنقص في التربية والتأهيل يدخلان مزيدا من التعقيد على هذه الحالة(Beleza, 2003).

بحسب البحث الإسبانيّ الذي ذكرته Narua Bekeza Keibir، تصل نسبة الرجال بدون محدوديّة الذين اندمجوا في سوق العمل في الاتحاد الأوروبيّ إلى 76% مقابل 36% من الرجال مع محدوديّة. النسب الموازية بالنّسبة للنساء هي 55% وَ 25% بالتّتالي. اظهرت البيانات في هولندا والبرتغال أنّ نسبة النساء اللواتي يحصلن على مخصّصات الإعاقة، وبحثن عن عمل، وحصلن على مساعدة بغرض العودة إلى سوق العمل، وتمكنّ من العثور على مكان عمل، تقلّ عن نسبة الرجال مع محدودية؛ لقد عثر الرجال على عمل بسهولة أكبر. في السويد مثلاً يحصل الرجال على حصّة تفوق نسبتهم في الموارد المعدّة لإعادة التأهيل، مقارنة بالنساء.

بعامّة، ثمّة نقص في الاستشارة والتوجيه المهنيّ لتلبية الاحتياجات الاستثنائيّة للنساء مع محدوديّة. في إسبانيا مثلاً تبيّن أنه، وعلى الرغم من انّ نسبة النساء مع محدودية تقلّ عن نسبة الرجال مع محدودية، فقد شكّلن أقلية في سوق العمل، وأغلبيّة ساحقة في صفوف متلقّي المخصّصات (Beleza, 2003).

يحتلّ مفهوما الاستقلالية والمشاركة مكانة مركزيّة في المجتمعات المعاصرة. وكي يحقّقوا الاستقلاليّة ويتمكّنوا من الانخراط في المجتمع يحتاج الأفراد مع محدوديّة للحصول على مساعدة من خلال الدعم الماليّ أو الانخراط في العمل، حيث يوفّر هذا الأخير دخلاً ضروريا للعيش، وإحساسا بالانتماء بسبب القدرة على إفادة المجتمع. التشغيل بمكانةٍ ودخلٍ متدنّيين لا يمكّنان النساء مع محدوديّة من الوصول إلى الاستقلاليّة والانخراط في المجتمع والإحساس بأنهّن يمنحن المجتمع أمرا ذو قيمة. (Accessibility News International).

 

التمييز في السياسات الاجتماعية (Beleza, 2003)

السياسات الاجتماعيّة تشكل مجالا إشكاليا جدا بكلّ ما يتعلّق بإلغاء التمييز ضدّ النساء مع محدوديّة. بعامّة، نلاحظ أنّ التشريعات في مجال الضمانات الاجتماعيّة (كالتأمين الوطني) لا تميّز ضدّ النساء مع محدوديّة على نحو صريح، لكنها ترتكز في الأصل على الطراز الذي يعمل فيه المجتمع، لذا فقد يكون لهذا الأمر تأثير مباشر. في حالات معيّنة قد تؤثّر الأفكار المسبقة السائدة في المجتمع وفي صفوف المسؤولين عن تطبيق القانون، قد تؤثّر سلبا على وضع النساء مع محدوديّة.

في بعض الدول تفقد النساء مع محدودية بعد زواجهن استحقاق الحصول على مكافئات معيّنة ( في البرتغال وإسبانيا على سبيل المثال). بالإضافة إلى ذلك قد يفقدن هذا الاستحقاق إذا كانت قدراتهنّ تمكنهنّ من المشاركة في التأهيل المهني. الصعوبة (أو عدم الوضوح) بكلّ ما يتعلق بإعادة الاستحقاق إلى الراتب التقاعديّ إذا لم تجدن عملا بعد التأهيل يشكّلان سبباً وجيهاً يحول دون مشاركة الكثير من النساء في مسار التأهيل (في البرتغال على سبيل المثال). ثمّة أيضاً حالات لنساء مع محدوديّة تلقّين رفضا لطلبهن بالحصول على مستحقّات مالية مقابل رعايتهنّ لوالديهنّ ( في إسبانيا على سبيل المثال)، على عكس النساء بدون محدوديّة.

 

التمييز في الإشراك في صنع القرار (Beleza, 2003)

في كلّ ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين فإن أهمّ المجالات هو ذاك المرتبط بالمشاركة في صنع القرارات، وفتح الطريق أمام الوصول إلى مواقع صنعها.
بكلّ ما يتعلّق بحضور النساء مع محدودية في الحياة العامة يمكن القول أنّ غيابهن مطلق. لا تظهرن في التلفزيون أو في أيّ وسيلة إعلامية أخرى إلاّ في حالات استثنائيّة عندما يدور الحديث عن ضحيّة أو شخص استثنائي. لا تتبوّأ النساء مع محدودية أيّة وظيفة مرموقة في قطاع الأعمال أو في الخدمات العامّة أو في السياسة، وثمّة غياب شبه تام لحضورهنّ كمندوبات عن " الوجه العام" لمنظّمات النساء مع محدوديّة.
من المهم الاعتراف بالنّساء مع محدوديّة كنساء استثنائيّات بسبب قدراتهنّ الكامنة وسلطتهنّ، وليس فقط بسب إمكانية تعرضهنّ للأذيّة. يجب بذل الكثير من الجهد من أجل تحريك عمليّةٍ تُفضي إلى تعزيز استقلاليّة النساء مع محدوديّة، وتطلق العنان لقدراتهنّ الإبداعيّة.

 

التمييز في الصورة الجماهيريّة العامة (Beleza, 2003)

 بعامّة، تعرَض شخصيّات النساء مع محدودية في السينما في سياق المشاكل التي تحيط بالإعاقة، وتظهر النساء هناك كضحايا أو كشخصيات استثنائيّة. في أحيان متباعدة يظهرن بأدوار عادية كغيرهن: صحفيّات أو إعلاميّات او ممثّلات أو مقدّمات أخبار يومية، وما شابه.

 

الأمومة، العائلة، وحياة العائلة (Beleza, 2003)

الاعتراف بحقّ كل فرد في إقامة عائلة، وحقّ كل فرد في الوالديّة يصعُب تحقيقهما عندما يدور الحديث عن المرأة مع محدوديّة، على عكس المرأة بدون محدودية التي يعتبر الأمر بالنسبة لها عاديا وطبيعيا. تجد النساء مع محدوديّة صعوبة في الحصول على اعتراف كهذا حتّى مقارنة بالرّجال مع محدوديّة. الكثير من الفتيات مع محدودية تَرَبّين على عدم توقع التزوّج أو إقامة عائلة وتربية الأولاد. على الرّغم من ذلك تستخدَم النساء مع محدودية كقوّة عاملة في بيت العائلة بدون الاعتراف بقيمتهنّ أو مكانتهن.

بالنسبة لبناء علاقة زوجيّة وحياة عائلية: تشعر الكثير من النساء مع محدوديّة أنّ المهنّيين في المجالات الصحيّة لا يشجعوهنّ على ذلك، ويصعّب بعض الأطباء على النساء مع محدوديّة الحصول عل وصفات طبية لوسائل منع الحمل.

 

العنف ضد النساء مع محدوديّة

قد يظهر العنف بأشكال مختلفة وهي: العنف البدنيّ والجنسيّ والنفسيّ والاقتصاديّ.

ادّعت دراسة كندية من العام 1995 أنّ احتمال تعرّض طفلة مع محدوديّة إلى اعتداء جنسيّ أو جسديّ يفوق بمرّتين احتمال تعرّض طفلة عادية لاعتداء من هذا القبيل، وأنّ منزلها هو أكثر الأماكن خطرا عليها.

قامت دراسة اجراها Nosek & Howland في العام 1997 بتعداد ثمانية عوامل محتملة تساهم في مفاقمة الاعتداءات على النّساء مع محدوديّة، وهي: (1) التعلّق بالآخرين لمدّة طويلة (2) تصوّر ذاتيّ بالعجز الذي ينبع من الحرمان من حقوق الإنسان (3) تصوّر المعتدي أنّ احتمالات اكتشاف فعلته ضئيلة (4) صعوبة لدى بعض الناس في تصديق أقوال جزء من الضحايا، ممّا يحول في بعض الأحيان دون تقديم الشكاوى (5). غياب التربية الجنسيّة السليمة (6) عزلة اجتماعيّة، وارتفاع خطر التلاعب (7) العجز البدنيّ لدى النساء وإمكانيّة الاعتداء عليهنّ في الأماكن العامّة (8) قيم ومواقف في مجال المحدوديّة والتي تؤدّي إلى دمجهن في المجتمع بدون أخذ قدرتهنّ على حماية أنفسهنّ بعين الاعتبار. (Nosek & Howland, 1997)

تفسير آخر للنّسبة المرتفعة للعنف ضد النّساء مع محدودية مردّه غياب التقييم الذاتيّ، والخوف من عمل انتقامي، وصعوبات في التواصل، وانعدام المعلومات وإمكانيّة الوصول إلى المرشدين، وغياب الوعي بأن الاعتداء أمر محظور (Beleza, M. L., 2003).

النساء والفتيات مع أنواع مختلفة من المحدوديّة -واللوات قد تعرّضن للتّمييز على خلفيّة الجندر- يشكّلن هدفا لتجسيد الأفكار المقولبة السلبيّة تجاه المحدوديّة. ينتج عن ذلك أنّ النساء والفتيات مع محدوديّة في أرجاء العالم يعانين من العنف والاعتداءات الجنسيّة أكثر من النساء بدون محدوديّة، ومن ثم تفوق الأضرار الصحيّة التي يعانين منهم تلك التي تعاني منها النساء بدون محدوديّة.

وبحسب المسؤولات في الخطّ الهاتفيّ الفنلنديّ المعدّ للنساء Naisten Linja Suomessa يُنظَر في أحيان متقاربة للنّساء مع محدوديّة على أنهن فاقدات للجنسانيّة، وعليه يجري في أحيان متقاربة تجاهل العنف الجندريّ تجاههن. تواجه النساء بدون محدوديّة يوميا مواقف تُنسب للجنسانيّة، لكن في أحيان متقاربة يجري تجاهل جنسانيّة وجندر النساء مع محدوديّة. هذه التصوّرات تنعكس في تربية البنات مع محدوديّة، وثمّة صعوبة في تشخيص العنف بسبب التعتيم على الجنسانيّة من قبل الضحية وأبناء عائلاتها. صعوبات التنقّل والاعتماد على المساعدة الجسمانيّة من قبل المعالجين الشخصيّين تُضفيان مزيدا من الصعوبات على الاعتراف بالعنف والتوجّه لطلب المساعدة. تلقّي المساعدة صعب للغاية لأنّ المعتدي يكون في الغالب من أقرباء الضحيّة.  

 

تلخيص

تسلّط هذه الورقة البحثيّة الضوء على الحواجز التي تقف أمام النساء والفتيات مع محدودية في سبيل تحقيق كامل قدراتهنّ الكامنة. بعض الحواجز عينيّة وتتعلّق بوضعيّة النساء والفتيات مع محدوديّة، ويتعلق بعضها الآخر بالنّضال المتواصل الذي تديره النساء بعامّة من أجل انتزاع الحقوق وخلق الفرص.

تتمحور هذه الورقة أيضاً في مجالات التربية، والجنسانيّة، والمشاركة، وإمكانية الوصول إلى مواقع صنع القرار، والتمييز داخل العائلة، والأمومة، والحياة العائليّة، والسياسات الاجتماعيّة، والعمل، والتشغيل، والعنف، والاعتداءات الجنسيّة.

القوانين والسياسات الاجتماعية تشكّل جزءا من "الفسيفساء" الذي سيفضي إلى تعزيز المساواة في الفرص للنساء مع محدوديّة. يستوجب العمل الاجتماعيّ  في سبيل تغيير الوصمة والأفكار السلبيّة حول النساء مع محدودية تطوير برامج تربويّة وإدخال تغيير في الوعي. ثمّة حاجة لاتخاذ خطوات عينيّة تضمن حماية حقوق للنّساء والفتيات مع محدوديّة ، ويستوجب النضال من أجل حقوق النساء بعامّة تطرقا للاحتياجات الخاصّة لهذه المجموعة.

الاتفاقيّة الدوليّة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (UNCRPD) تعترف بأنّ النساء والفتيات مع محدوديّة يعانين من التّمييز في غالبيّة المرافق الحياتيّة، وتطلُب من الدول العمل على توفير الحقوق للنساء مع محدوديّة بما في ذلك الحقوق الأساسية والحريات الإنسانية. وتنصّ الاتفاقية على أنّ العناية بالنساء مع محدوديّة يجب أن تخلو من العنف والاستغلال والاعتداء، وأن تشمل توجيهات واضحة في مواضيع الجندر.

 

 

مصادر

 

Alvares, L., Case, H.A., Kronenberger, E. J., Ortoleva, S, (2011)
Barbara Faye Waxman Fiduccia Papers On women and girls with disabilities center for women policy studies: Reproductive Health Justice for Women with Disabilities. May 2013, http://goo.gl/wVduCw

Beleza, M. L. (2003). Discrimination against women with disabilities. May 2013, http://www.coe.int/t/e/social_cohesion/soc-sp/Discrimination%20Women._E%20in%20color.pdf

Double Discrimination Faced by Women with Disabilities in the Workplace, Accessibility News International 15 March 2010 Reproduced from: http://www.accessibilitynewsinternational.com/double-discrimination-faced-by-women-with-disabilities-in-the-workplace

 

Gurung , P. (2013). A Study on Familial Discrimination against Women with Disabilities and their Response. May, 2013. http://www.socialinclusion.org.np/new/files/Pratima%20Gurung_1380091217dW9W.pdf

Keogh, M. (2012). International Women’s Day: Women with disabilities a dichotomy in protection’ Disability and Human Rights.

Mandell, D. S., Eleey, C. C., Cederbaum, J. A., Noll, E., Katherine Hutchinson, M., Jemmott, L. S., & Blank, M. B. (2008). Sexually transmitted infection among adolescents receiving special education services. Journal of School Health, 78(7), 382-388.

Nosek, M. A., Howland, C. A., & Young, M. E. (1997). Abuse of Women With Disabilities Policy Implications. Journal of Disability Policy Studies, 8(1-2), 157-175.

 

لقراءة المقال باللغة العبرية - اضغط هنا

מהתקשורתכשהסטיגמה מגיעה מהרופא: נשים עם מוגבלויות טוענות לאפליה במערכת הבריאות
ספרים וחוברותהקול השקוף: נשים מדברות על מוגבלות ופמיניזם
מאמריםסטיגמה ואפליה בקרב נשים עם מוגבלות
  • מוגבלויות:

    כלל המוגבלויות

  • נושאים:

    קהילה וחברה - נשים ומוגבלות

  • מילות מפתח:

  • קהלים:

    קהל מקצועי

  • לפרטים נוספים ניתן ליצור קשר :

     09-7701218


     הדפסה